نَشَطَت حَرَكة الاسْتِرْداد الصَّلِيبيّة في بلاد الأنْدَلُس بَعد أن سَقَطَت حاضرة طُلَيْطِلَة عام 478هـ/ 1085م، وكان التَّوَجه السائد للمُتَغَلِّب النَّصْرَانيّ- وقْتئذ وخلال العُصور اللّاحقة- هو إبادة كُل ما له صِلة بالحضارة الإسلامية، وعلى وجه الخصوص ما له علاقة بالدِّين الإسلامي، الأمر الذي تَرَتَّب عليه تَحْويل أماكن عِبادة المُسْلِمِين مِن مَساجد إلى كَنَائس وكَاتدرائيات، مثلما حَدَث- على سبيل المثال- في جامع حاضرة طُلَيْطِلَة، جامع حاضرة سَرَقُسْطَة، جامع حاضرة إشْبِيلِيّة، جامع حاضرة أَلْمِرْيَة، جامع حاضرة مَالَقَة، إلى غيرها من المساجد الجامعة- ودُون الجامعة- بالحواضر الأنْدَلُسيّة الكُبرى، وبهذا التَّوَجه الصَّلِيبيّ المُتَعَصِّب فَقَدَت حضارتنا الإسلامية الأنْدَلُسية، كثيرًا من مُقَوِّماتها وخَصَائصها المُتَفَرِّدَة، بَعدما بَاتَت مِن حِينِها مجهولةً إلى الوقت الحاضر. كانت مدينة غَرْنَاطَة- قَبْل اسْتِسْلامها عام 897هـ/ 1492م- المَلَاذ الأخير لمُسْلِمِي الأنْدَلُس، في ظلّ حُكْم سَلاطين بَنِي نَصْر، كما كان مسجدها الجامع- بما له مِن مَكانة دِينيّة- القَلْب النّابِض بتلك الحاضِرة، بيد أنه لَمْ يَسْلَم هو الآخر من ذلك التَّوَجه الصَّلِيبيّ المُتَعَصِّب، إذ سُرعان ما بُدأت أشْغال الهَدْم به- بَعد تسعة أعوام فقط من تاريخ سُقوط المدينة- ليَتَحوّل من مسجدٍ جامعٍ إلى كَنِيسة ثم إلى كَاتدرائيّة عُظْمَى، عُرِفت باسم "سَاغْرَارْيُو"، (Sagrario)، وهكذا انْدثر المسجد الجامع بمدينة غَرْنَاطَة، فلَمْ يَعُد له أثرٌ بَعْد عَيْنٍ، إلا أنه مِن حُسْن الحَظ، ثَمّ بعض الإفادات التاريخية المُهمّة، التي سَجَّلها أحد الرّحالة الألْمَان، حول جامع غَرْنَاطَة، بعد سقوط المدينة بعامين فقط، وكان لا يَزال بحالته المِعْمارية الكَاملة، إضافة إلى بعض الإشارات المَنْثُورَة بالمصادر التاريخيّة العَرَبيّة، فضلًا عن بعض المُخططات، ولَوْحات الرّسامين الأُوروبيّين، أَمْكَن من خلالها جميعًا، وَضْع صُورة واضحة المَعالم حول عمارة ذلك المَسجد الجامع خلال العصر الإسلاميّ، الذي قام بعض الباحثين الإسبان- وغيرهم- بالحديث عنه في دِراسات مُتَخصصة، غير أنها لَمْ تَكُن- في مُجْمَلِها- وَافِية، فضلًا عمّا انْضَوَت عليه من آراءٍ ووجْهات نَظَرٍ، هي بحاجَة إلى إعادة طَرْحٍ ومُناقشة.
ربيع عبد الجواد راشد, رامي. (2024). المَسْجِد الأعْظَم في غَرْنَاطَة فيما بَيْن القَرْنَيْن (5- 8هـ/ 11- 14م)، دراسة آثاريّة مِعْماريّة.. مجلة کلية الآثار . جامعة القاهرة, 16(27), 1285-1323. doi: 10.21608/jarch.2024.333285
MLA
رامي ربيع عبد الجواد راشد. "المَسْجِد الأعْظَم في غَرْنَاطَة فيما بَيْن القَرْنَيْن (5- 8هـ/ 11- 14م)، دراسة آثاريّة مِعْماريّة.", مجلة کلية الآثار . جامعة القاهرة, 16, 27, 2024, 1285-1323. doi: 10.21608/jarch.2024.333285
HARVARD
ربيع عبد الجواد راشد, رامي. (2024). 'المَسْجِد الأعْظَم في غَرْنَاطَة فيما بَيْن القَرْنَيْن (5- 8هـ/ 11- 14م)، دراسة آثاريّة مِعْماريّة.', مجلة کلية الآثار . جامعة القاهرة, 16(27), pp. 1285-1323. doi: 10.21608/jarch.2024.333285
VANCOUVER
ربيع عبد الجواد راشد, رامي. المَسْجِد الأعْظَم في غَرْنَاطَة فيما بَيْن القَرْنَيْن (5- 8هـ/ 11- 14م)، دراسة آثاريّة مِعْماريّة.. مجلة کلية الآثار . جامعة القاهرة, 2024; 16(27): 1285-1323. doi: 10.21608/jarch.2024.333285